نافذة الحنين
يا للإنسان الضعيف يا له من مخلوق هش تسقطه ضربات الحياة عندما يصيبه شيء أو يفقد حبيب، فتظهر هشاشته رغم بنيانه الجسماني القوي... فيلجأ إلى نافذة الحنين التي هى حصنه الحصين من الذي يطمئن فيه رغم ما يعانيه من إنهاك لكل جوارحه.
تلك النافذة التي تشبه البساط السحري تقف عند كل موقف بينك وبين الذي تحن له يجعل القلب طائر حر من السعادة وتهرول من مواقف الفراق وتتجاوز إلى كلمات تلك التي كانت دواء في وقت كان القلب ينزف والروح تتشقق والعقل بركان ثائر؛ وتأتي تلك الكلمات على حين غرة؛ فيسكن القلب ويهدأ البركان وتلتئم النفس.
ومن يرانا في حالة الحنين يكون عجزا كأننا غرقى وهو لا قادر على إنقاذنا ولا قادر على أن يتركنا، ونظل نبحث في تلك النافذة وتخرج لنا الذكريات كأنها كنز شعرنا بأهميته عندما فقدنا الأحباب أو أصابنا الحزن والضيق، نفتحه ونراه ولا سبيل لنا إلا الحفاظ عليه بعدما رحل صاحبه.
إن نافذة الحنين سهل المرور إليها لا تحتاج إلى مجهود ولكن الخروج منها يشبه المتاهة، لا تخرج من موقف إلا وأنت تدخل إلى كلام وما تخرج من الكلام إلا وتتذكر مظهره وشكله الخارجي وضحكته وما تخرج من تذكر مظهره إلا وأنت ترسم ملامحه وقت فرحه وحزنه وخوفه واهتمامه؛ فلا أنت قادر على الخروج من ذكرياتك ولا أنت قادر النسيان.
صعوبة الحنين أنه يجعلك معلقا بين الحاضر والماضي بين مرارة الفقد وأمل اللقاء بين البكاء والبوح، الحنين تلك الريشة التي تجعلك ترسم من فقدته على أحسن هيئة تحبها هى هيئة الملائكة لكن الرسام المبدع هو من يرسمه على ما كان عليه ولكن يضيف إليه ما كان يميزه.
لن تغلق نوافذ الحنين إلا وأنت إما غارق في الدموع أو تدخل في سبات عميق، وهكذا دواليك حتى تتخلص من تلك الدوامة، حصن واسع ولكنك مقيد وجميل ولكن ينقصه ما يميزه، ما الحنين إلا طائف من الله ليربط على تلك القلوب التي أنهاكها الفراق.
تعليقات
إرسال تعليق